الزليج المغربي والألوان التقليدية: فسيفساء من الجمال والهوية

لوحة من الزليج المغربي التقليدي تعكس توازن الألوان والدقة الهندسية في الحرف المغربية.
الزليج المغربي ليس مجرد فن معماري، بل هو تجسيد حي لعبقرية الصانع المغربي وقدرته على تحويل قطع صغيرة من الطين إلى لوحات فنية تنبض بالأصالة. في كل مربّع، دائرة، أو نجمة، تقبع روح حضارة استمدّت ألوانها من الطبيعة، ورموزها من عمق الهوية المغربية.
ولادة الزليج: من الطين إلى التحفة
يبدأ كل عمل زليج من طين الفخار الذي يُستخرج بعناية من مناطق مثل فاس ومكناس. بعد تشكيله وتقطيعه، يُخبز بعناية ثم يُزيَّن يدويًا بألوان مستخلصة من معادن طبيعية. اللون الأزرق الكوبالت، الأخضر النحاسي، الأصفر الفاسي، والبني الترابي… كلها ليست مجرد ألوان، بل رموز لارتباط المغاربة بأرضهم.
الزليج: علم هندسي وفن بصري
ما يُميّز الزليج المغربي هو توازن التكرار الهندسي مع الانسجام البصري، إذ تُرسم الأشكال بدقة متناهية، ويتم تركيبها قطعة بقطعة، وكأن الصانع يكتب قصيدة صامتة على الجدران. كل تصميم يحمل معنى، من النجمة الثمانية إلى الأشكال المتداخلة التي ترمز إلى اللانهاية.
الألوان التقليدية: سيمياء الطبيعة في يد الإنسان
تُعتبر الألوان في الزليج امتدادًا للثقافة المغربية. فالأزرق يُحاكي السماء والماء، والأخضر يرمز للسلام والروحانية، والأصفر يشير للنور والطاقة. هذه الألوان ليست اختيارًا عشوائيًا، بل تمثل توازنًا بين الجمال البصري والرمزية الروحية.
من المساجد إلى البيوت: الزليج لا يشيخ
تجد الزليج في كل زاوية من المغرب، من المساجد العريقة كالقرويين، إلى قصور فاس ومراكش، وحتى في منازل بسيطة تحمل لمسة أصيلة. وقد ساهم هذا الفن في إبقاء الحرف المغربية حيّة ومتجددة، حيث لا تزال الورشات التقليدية تنتج لوحات جديدة بروح قديمة.