فن النقش على الخشب في المغرب: حرفة تتحدى الزمن

يعتبر فن النقش على الخشب من أعرق الحرف اليدوية التي اشتهر بها المغرب، إذ يجسد هذا الفن العلاقة العميقة بين الجمال والدقة والإبداع التقليدي. منذ قرون، أبدع الصانع المغربي في تحويل قطع الخشب الصماء إلى لوحات فنية تنبض بالحياة، سواء في أبواب المنازل العتيقة أو في الأسقف المنقوشة للمساجد والقصور.
أصول الحرفة وتاريخها
ترجع جذور فن النقش على الخشب في المغرب إلى العهد الأندلسي، حيث جلب الحرفيون المهجرون تقنياتهم إلى المدن المغربية، خاصة فاسومراكش والصويرة. واعتمدوا في ذلك على أدوات بسيطة لكنها فعالة مثل الإزميل والمطرقة والقياسات اليدوية الدقيقة.
أنواع النقش المغربي
يتميّز النقش المغربي بتعدد أنماطه، منها:
- النقش الهندسي: وهو الأكثر انتشارًا، يتميز بتناسق الأشكال والزوايا الحادة.
- النقش النباتي (الأرابيسك): يعتمد على أشكال الورود والأوراق الملتوية.
- النقش الخطي: يحتوي على عبارات دينية أو آيات قرآنية بخط الثلث أو الكوفي.
كل قطعة خشبية تُنقش بعناية، وتُعدّ فريدة من نوعها، حيث لا يُكرر نفس التصميم بدقة في عملين مختلفين.
الخشب المستخدم وتقنيات العمل
من بين أكثر أنواع الخشب استخدامًا في المغرب نجد خشب الأرز الأطلسي، المعروف بقوته وسهولة نحته. وتُمر العملية عبر مراحل دقيقة:
- اختيار الخشب وتقطيعه.
- صقله وتجهيزه.
- رسم التصميم يدوياً.
- البدء في النحت والنقش.
- التلوين أو التذهيب (حسب الرغبة).
حضور الحرفة في العمارة المغربية
لا تقتصر هذه الحرفة على القطع الفنية الصغيرة، بل تظهر بقوة في العمارة المغربية، خصوصاً في:
- الأبواب الضخمة المنقوشة يدوياً في المدارس العتيقة والزوايا.
- الأسقف الخشبية المزينة في المساجد.
- الصناديق التقليدية التي كانت تستعمل في الأعراس أو حفظ الممتلكات.
التهديدات التي تواجه الحرفة
رغم جماليتها، تواجه الحرفة تحديات كبيرة منها:
- تراجع عدد الحرفيين المهرة.
- قلة التكوين المهني الجاد في المجال.
- انتشار المنتجات المقلّدة المصنوعة بالآلات.
يبقى فن النقش على الخشب مرآة للهوية المغربية الأصيلة. والحفاظ عليه لا يقتصر على المتاحف، بل يجب أن يتواصل عبر دعم الحرفيين وتشجيع الصناعات اليدوية المحلية. إن كل قطعة خشب منقوشة تحمل في طياتها قصة، وتستحق أن تبقى حية في بيوتنا وأرواحنا.